" التصحر" يغتال الأراضي الزراعية

" التصحر" يغتال الأراضي الزراعية



د إسماعيل عبد الجليل المنسق الوطنى لإتفاقية الامم المتحدة لمكافحة التصحر السابق ل" العالم اليوم": " التصحر" يغتال الأرض الزراعية..وأناشد "السيسى" تبنى مبادرة عاجلة للمواجهة لابد من إستغلال رئاسة مصر للإتحاد الإفريقى والدعوة لعقد قمة التصحر بالقاهرة 50 % من الأراضى الزراعية تعانى خطر التصحر 5 أفدنة تفقدها مصر كل ساعة نتيجة التعديات على الأراضى تكلفة العلاج بتأخر المواجهة تتزايد ومع إستمرار التباطؤ تصبح مستحيلة نحن من صنعنا للعالم كله إتفاقية التصحر ثم تراجع الدور المصرى يجب حصر المساحات التى تعرضت للتصحر والبدء بمعالجتها على الفور حوار: منى البديوى حذر العالم المصرى البارزالدكتور إسماعيل عبد الجليل رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق والمنسق الوطنى لإتفاقية الامم المتحدة لمكافحة التصحرورئيس المكتب الزراعى المصرى بواشنطن السابق من وضع القطاع الزراعى فى مصر وما يواجههه من تحديات أدت لتدنى الإنتاجية وزيادة التعديات على الأراضى وهجرة الفلاحين للزراعة وتحول القرية من منتجة إلى مستهلكة

مؤكدا أن ما يتراوح ما بين 30 إلى 50 % من إجمالى الأراضى الزراعية فى مصر تقع تحت خطر التصحر وذلك وفق تقارير تمت مراجعتها بناء على صور أقمار صناعية ودراسات أرضية للسكرتارية التنفيذية لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وأضاف بحواره مع " العالم اليوم" أن 55 % من إجمالى السكان يعيشون فى القرى وأنه نتيجة تدنى الربحية مع تدهور إنتاجية الأراضى الزراعية وتزايد الفقر بالقرى وتحول الزراعة إلى حرفة خاسرة بدأت تتزايد الهجرة من القرى للمدينة للعمل بأعمال هامشية أو للعمل سائق " توكتوك" , لافتا إلى أن القرى نتيجة تلك الأوضاع قد تحولت من كيانات منتجة إلى مستهلكة حيث تحول الفلاح إلى شراء جميع إحتياجاته مصنعة وبدأنا نشهد طوابير الفلاحين على شراء الخبز و اللحوم ..وغيرها من الإحتياجات الأخرى


 وقال أن الأخطر من تحول القرى إلى مستهلكة هو قيام الفلاح بببيع الأرض والتى كانت فى السابق تعد بمثابة " عار " كبير حيث أصبحت الظاهرة الشائعة حيث إنتشر بيع الأرض والبناء عليها لأنها أصبحت أكثر عائد من الزراعة ,مشددا على أن الدخول بإستصلاح المليون ونصف فدان ليس الحل لزيادة الإنتاجية الزراعية وتصحيح الأوضاع القائمة وخاصة وأن هناك العديد من التحديات التى تواجه المشروع أهمها وجود عجز بالمياه يقدر بنحو 59 مليار متر أى ما يعادل حصة مصر فى مياه النيل وأضاف أن مصر كانت تقفد كل ساعة نحو 3.5 فدان وأن هذا الرقم قد قفز إلى ما يتراوح ما بين 4 إلى 5 أفدنة من الأراضى الزراعية الخصبة نتيجة التعديات التى تشهدها وان التجريم وإصدار أية عقوبات لن يحل الأمر وإنما القضية تتعلق بوضع متردى أصبح يعانى منه الفلاح ولابد من مواجهته, مشددا على أن الحل الجذرى يكمن فى إصلاح السياسات الزراعية وإتخاذ ما يلزم من إجراءات تؤدى لزيادة الإنتاجية وتسهم فى تحسين وضع الفلاحين وأوضح أن قطاع الزراعة يعد هو المستهلك الرئيسى للمياه المتاحة للبلاد بنسبة تصل إلى 85 % من حصة المياه بينما الزراعة إلى الآن لا تحقق العائد الإقتصادى الأمثل لأننا نستورد أكثر من 60 % من إحتياجاتنا الغذائية من الخارج والفجوة بين الصادرات والواردات تتسع والعائد الإقتصادى للفدان لا يحقق أى حياة كريمة للمزارع وقال أن أرضنا الزراعية تغتال فى صمت مع التصحر الذى أصابها وأن تلك مشكلة تتواجد على مستوى العالم ككل ولكنها غير مرئية تشبه مرض السرطان حيث أن الفلاح يشكو من آلام ظاهرية ولا يعرف أن هناك سرطان تحت الأرض , لافتا إلى أن أهم مظاهر التصحر تتمثل فى وجود إرتفاع فى مستوى المياه الأرضية بالتربة وزيادة الملوحة وسوء الصرف والتهوية والأخطر تزايد تكلفة الأسمدة العضوية والمخصبات التى يمكن للفلاح الإعتماد عليها لتحسين الإنتاجية مما أصاب الأرض بالإغتيال الصامت


 وتابع: عبد الجليل أن مشكلة التصحر تتفاقم وفى المقابل لا توجد أى جهة معاونة للفلاح لتوعيته أو لعمل رصد مبكر للوضع الحالى والظاهرة , مؤكدا أن 8.5 مليون فدان والتى تمثل إجمالى حجم الأرض الزراعية حاليا إذا تم معالجتها من التصحر ومواجهة الفاقد فى التداول والتسويق والذى يتراوح ما بين 10 إلى 15 % فإنه يمكن زيادة الإنتاجية الزراعية بنسبة 50 % وأكد أن الرصد المبكر لظاهرة التصحر أصبح أمر هام وعاجل وخاصة وأن غيابه يؤدى لتفاقم الوضع سوء وصعوبة العلاج حال عدم التحرك الفورى وإتخاذ ما يلزم من إجراءات, مطالبا الرئيس عبد الفتاح السيسى بتبنى مبادرة لمواجهة التصحر على غرار المباردة التى تم تبنيها لمكافحة مرض فيروس " سى" وذلك تحت شعار 8 مليون صحة للأرض الزراعية وأضاف أن المبادرة يجب أن يتم من خلالها إطلاق حملة قومية للرصد المبكر لظاهرة التصحر التى تنتشر يوميا بحيث يمكن حصر المساحات التى تعرضت لهذا السرطان والبدء بمعالجتها على الفور قبل أن يصبح العلاج مستحيلا ويكون الحل الوحيد هو خروجها من الزراعة إلى اى إستخدامات أخرى , علاوة على أن تأخر المواجهة يزيد من تكلفة العلاج وإستطرد عبد الجليل بالحديث عن مقترح المبادرة, موضحا أنها يجب أن تنفذ على عدة مراحل الأولى يتم من خلالها تشخيص درجة الإصابة فى الأراضى الزراعية بمحافظات الجمهورية المختلفة , والثانية: عمل روشتة العلاج لكل المناطق مرتبة حسب خطورة الحالة


 والثالثة: أن يتم العلاج على نفقة الدولة مع الحصول على مساهمة الفلاح فى صورة أقساط سنوية يتم سدادها , مؤكدا أن مصر لديها من الخبرات القادرة على التصدى لتلك الظاهرة ورصدها وعلاجها وأوضح أنه وفق بيانات الأمم المتحدة فإن تكلفة العلاج والتصدى المبكر لظاهرة التصحر تقدر تكلفتها بنحو 10 % فقط من إجمالى التكلفة الإجمالية التى يتم إنفاقها لوقف الأمر بينما فى حال التأخر تصل التكلفة إلى ما يتراوح ما بين 30 إلى 40 % ومع إستمرار التباطوء وعدم المواجهة يصبح لا إمكانية للعلاج ثم إستحالة بالمواجهة , مشددا على أن ذلك هو ما دفعه لإقتراح ضرورة إطلاق مبادرة لبدء التصدى للتصحر الذى يصيب الأرض الزراعية وخاصة وأن ذلك التوجه يمثل البديل الأفضل والعاجل لزيادة الإنتاجية الزراعية مشكلة الصرف وأكد المنسق الوطنى لإتفاقية مكافحة التصحر أن التصدى للتصحر يتطلب تضافر جهود وزارتى الزراعة والرى وخاصة وأن سوء الصرف يعد من أكثر الأسباب وراء الظاهرة حيث انه من المفترض أن يكون لدينا صرف مغطى وأن يتم عمل صيانة لمشروعات الصرف , مشيرا إلى أن مشروعات الصرف لم يتم إجراء أى صيانة لها وأن مناطق كثيرة لا يتوفر بها صرف زراعى وأن ذلك لا يرجع لوجود مشكلات تمويلية وإنما لإصرار وزارة الرى على إسناد هذه الأعمال بأسعار أقل من المتداول مما يؤدى إلى عزوف الشركات والمقاولين عن تنفيذ المشروع وأضاف أن مصر كانت أول دولة وقعت وصدقت على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر 1993 وأن العالمان المصريان عبد الفتاح القصاص والدكتور مصطفى طلبة هما الذين صاغا الجزء الأكبر من الإتفاقية للعالم كله قائلا :" نحن من صنعنا للعالم كله إتفاقية التصحر " وتابع: أنه قد تم إختياره أول إفريقى وعربى لأن يكون رئيس اللجنة العامة للإتفاقية لمدة عامين خلال الفترة من 2008 وحتى 2010 


وكان المفترض بعضوية مصر المؤثرة بالإتفاقية أن يكون أحد مسئوليتها تدريب الكوادر الإفريقية ولكن هذا لم يحدث وتراجع الدور المصرى , مطالبا الدولة بضرورة إصلاح الأمر وإستغلال فرصة تولى مصر رئاسة الإتحاد الإفريقى وأن يتم الدعوة لعقد قمة أطراف التصحر بالقاهرة وأشار إلى اللجنة التنسيقية العليا لمكافحة التصحر فى مصر المشكلة برئاسة وزير الزراعة وعضوية وزراء البيئة والرى والصناعة وعدد من الوزراء المعنيين , مؤكدا أنها لم تنعقد منذ 14 عاما وان آخر إجتماع عقدته كان خلال فترة تولى الدكتور أحمد الليثى وزيرا للزراعة مما يعكس عدم إهتمام ووعى بخطورة القضية ولفت إلى إستراتيجية 2030 وما تتضمنه من تطوير الرى الحقلى فى الأراضى الزراعية بمصر بمعدل 60 ألف فدان فى السنة , موضحا أن الأراضى الزراعية القديمة فى الدلتا تقدر بنحو 6 مليون فدان سيتم تطويرهم بالعام وبالتالى فإن تنفيذ المخطط يحتاج إلى 100 سنة أى قرن من الزمان فهل هذا يعقل؟!! وقال أن هناك لجنة تم تشكيلها من كبار خبراء الزراعة بمصر برئاسة الدكتور عادل البلتاجى وأنها أرسلت تقرير تضمن سلبيات الإستراتيجية ومجموعة من التوصيات التى يجب مراعاتها لعمل إصلاح حقيقى بالقطاع الزراعى